عرفت إحدى المجموعات التمريضية النشيطة على منصة فايسبوك تفاعلاً غير مسبوق، بعد تداول منشور يتحدث عن توقيف قابلة من طرف السلطات المختصة، على خلفية شكاية تقدم بها مواطن يتهمها بابتزازه وطلب رشوة.
ورغم أن الواقعة في طور التحقيق، إلا أن التفاعل الذي أعقب النشر كشف عن وعي مهني متزايد وسط صفوف الممرضين والممرضات في المغرب.
رفض قاطع للممارسات غير الأخلاقية
التعليقات التي انهالت على المنشور كانت بمعظمها حادة في لهجتها، رافضة بشكل قاطع مثل هذه التصرفات التي تمس بمصداقية العاملين في قطاع الصحة.
العديد من الممرضين دعوا صراحة إلى تطبيق القانون دون تهاون، بل طالب بعضهم بتشديد العقوبات في حالة ثبوت التهمة، حمايةً لسمعة المهنة وصورة الممرض النزيه.
إشارات قوية على نضج مهني متقدم
هذا الرفض الجماعي لم يكن مجرد انفعال لحظي، بل مؤشر على تحول حقيقي في ذهنية فئة واسعة من مهنيي التمريض، الذين أصبحوا أكثر وعيًا بدورهم في مواجهة الفساد، وأكثر إصرارًا على النأي بالمهنة عن أي شبهات أو تصرفات غير مسؤولة.
المجموعات الافتراضية: من النقاش إلى التأثير
لقد أظهرت هذه الحادثة أن المجموعات المهنية على وسائل التواصل، لم تعد فقط فضاءً لتبادل الخبرات، بل أصبحت منبرًا مؤثرًا في تشكيل رأي عام داخل الجسم التمريضي، يدافع عن النزاهة ويعلي من قيمة الأخلاقيات المهنية.
رأي القانون المغربي في جرائم الرشوة داخل القطاع الصحي
وفقًا للقانون الجنائي المغربي، تُعد *الرشوة من الجرائم الخطيرة* التي يعاقب عليها بالسجن والغرامة، ويُشدّد العقاب عندما يتعلق الأمر بموظف عمومي، أو شخص مكلف بخدمة عمومية، كما هو الحال بالنسبة للعاملين في القطاع الصحي.
فـ الفصل 248 من القانون الجنائي ينص صراحة على أن كل موظف عمومي يطلب أو يقبل فائدة مقابل أداء عمل من واجبه، يُعتبر مرتشيًا ويُعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة مالية قد تصل إلى 50,000 درهم، فضلًا عن العقوبات الإدارية والمهنية المحتملة.
هذا التشديد القانوني يعكس أهمية الشفافية والنزاهة في المرافق الحيوية، خاصة في مجال الصحة، حيث الثقة بين المواطن والمؤسسة الصحية ضرورية لضمان جودة الخدمات وعدالتها.
التبليغ عن الفساد: مسؤولية مهنية وأخلاقية
في ظل الجهود الوطنية لمحاربة الفساد، أصبح التبليغ عن أي تجاوز أو شبهة مهنية ليس فقط حقًا، بل واجبًا أخلاقيًا ومهنيًا.
فالتبليغ يُعتبر أحد أهم آليات الوقاية، ويساهم في تطهير القطاع من العناصر التي تسيء للمهنة وللمرضى على حد سواء.
وقد خُصصت عدة قنوات رسمية لاستقبال التبليغات، من بينها بوابة “محاربة الفساد” التابعة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، ما يعزز ثقة المهنيين والمواطنين في آليات الإنصاف والعدالة.
"ممرض انفو": مع النزاهة ودعم التغيير
في مدونة "ممرض انفو"، نعتبر هذا النوع من التفاعل الجماعي إشارة قوية على بداية صحوة داخل القطاع، صحوة تتجاوز الشعارات لتترجم إلى مواقف واضحة ضد الفساد، ودعم ثقافة التبليغ والمحاسبة.
فمن أجل منظومة صحية سليمة، نحن بحاجة إلى ممرضين لا يساومون على شرف مهنتهم، ويقفون صفًا واحدًا في وجه كل انحراف، مهما كان مصدره.