أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

إشكالية هزالة العرض الوزاري وتقاعس الممرضين عن النضال الفعلي

 

إشكالية هزالة العرض الوزاري وتقاعس الممرضين عن النضال الفعلي

شهد القطاع الصحي مؤخرًا لقاءً جمع ممثلي التنسيق النقابي بوزير الصحة، في خطوة كان يُفترض أن تحمل حلولًا واقعية لملفات الممرضين العالقة منذ سنوات. غير أن العرض الذي قدمته الوزارة لم يرقَ إلى مستوى التطلعات، ما ولَّد حالة من الاستياء الواسع داخل الأوساط التمريضية.  

لكن المثير للانتباه هو أن هذا الغضب لم يترجم إلى فعل نضالي ميداني واضح، بل ظل محصورًا في النقاشات الافتراضية والتدوينات الساخطة. بات من المعتاد أن تمتلئ الفضاءات الرقمية بالمطالب والشكاوى، بينما تبقى الميادين شبه خالية إلا من قلة قليلة تؤمن بضرورة الفعل قبل القول.  


مفاوضات هشة وغياب الضغط الحقيقي  

لم يكن العرض الوزاري الضعيف أمرًا مفاجئًا بالنظر إلى طبيعة التفاوض بين الطرفين، حيث تواصل الوزارة اعتماد سياسة المراوغة وربح الوقت بأقل التنازلات الممكنة. لكنها في المقابل تجد نفسها أمام وضع نضالي غير موحد، ما يجعل تمرير عروضها المخيبة أسهل. فكيف يمكن تحقيق تقدم حقيقي في ظل غياب ضغط فعلي من القاعدة التمريضية نفسها؟  

الممرضون اليوم أمام مفترق طرق؛ إما أن يدركوا أن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع، أو أن يظلوا في دائرة الانتظار والتذمر من قرارات لا تمثل تطلعاتهم، دون أن يتحركوا على أرض الواقع لفرض مطالبهم.  


هل النضال الرقمي كافٍ لتحقيق التغيير؟ 

لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي منحت الممرضين منصة غير مسبوقة للتعبير عن آرائهم وتبادل المعلومات، لكنها تحولت في كثير من الأحيان إلى بديل عن التحرك الميداني، بدل أن تكون مكملًا له. فالخطابات القوية والمطالب العادلة التي تملأ المجموعات التمريضية لا تترجم غالبًا إلى أفعال على أرض الواقع، حيث يمكن لأصوات الممرضين أن تُسمع حقًا.  

التاريخ يؤكد أن المكتسبات لا تتحقق إلا عبر نضال مستمر منظم ومدروس. أما المنشورات والتغريدات الغاضبة، فلن ترغم الوزارة على تحسين أوضاع الممرضين طالما لم يكن هناك ضغط فعلي يُجبرها على إعادة حساباتها.  


ما الخطوة التالية؟

إذا استمر هذا الوضع، فسيظل كل لقاء تفاوضي مجرد محطة أخرى في سلسلة من الاجتماعات العقيمة، حيث تقدم الوزارة عروضًا غير مرضية، في مقابل استياء افتراضي لا يُحدث أي تغيير.  

الممرضون اليوم أمام مسؤولية جسيمة؛ إما أن يكونوا جزءًا من الحل بالمشاركة الفعلية في صناعة التغيير، أو أن يبقوا مجرد متابعين يشاهدون حقوقهم تُستنزف واحدة تلو الأخرى، مكتفين بدور المتفرج خلف الشاشات.  


السؤال المطروح الآن: هل حان الوقت للانتقال من مرحلة الكلام إلى الفعل؟

إدارة الموقع
إدارة الموقع
تعليقات